29‏/8‏/2009

فن الـ (بو زلف)، "جونو دعوا اسمه" (أنموذجاً) .. شعوذة رمضانية!!

فن الـ (بو زلف)، "جونو دعوا اسمه" (أنموذجاً) ..
الإنسياق للإيقاع تسبب في:
تلقائية الطرح وسطحية الصورة المباشرة
::
::
إلى الداخل، مخرج:
فن الـ(بوزلف) وبعيداً عن المحاذير الإجتماعية والدينية التي تحفه من كل جانب، هو أحد الفنون الشعبية التي تمارس على المناطق الساحلية خصيصاً، وباقي المناطق بشكل عام، وعن أصوله يقال أنه (مستورد ساحلياً) فيما يرى البعض وخصوصاً الجيل الجديد من الشباب (المتحمس) أنه من ضمن الفنون التي وجدت عند أسلافهم من قديم الزمان. وليس المهم هنا التعريف بالفن أو التنظير للخروج بحكم شرعي له بقدر طرح أنموذج له، وذلك للإقتراب من مثل هذه الفنون التي تعتمد على ردة الفعل المباشرة في أول إلقاءٍ لها، إلى أن تحفظ في المرات القادمة وتتناقل في أغلب الأحيان لفظياً.
على العموم، الأنموذج الذي أمامنا لا يتجاوز عمره الثلاث سنوات، حيث أنه جاء لوصف الأنواء المناخية التي تعرضت لها سلطنة عمان في يونيو 2007 أو كما سماها البعض "جونو"، وما يلفت الانتباه في هذا الأنموذج أنه مرتب سردياً حسب حركة الأنوء المناخية داخل السلطنة، كما يعتبر هذا الأنموذج بمثابة دراسة استطلاعية "سريعة" لبعض الآثار التي خلفها الإعصار المداري. أترككم مع الأنموذج:

يو دان .. يو داني
الـويل .. من داني
الإعصـار الـمْداري
.. (جونو) دعوا اسمه !!
***
خطّف على (مْصيره)
وأثر عليها غبار !!
الإعصـار الـمْداري
.. (جونو) دعوا اسمه !!
***
وفـ (صور) العفيه
وتْقلّعت الأشْجار
الإعصـار الـمْداري
.. (جونو) دعوا اسمه !!
***
وولايتي (جعلان)
كسّر حطب الأنْوار
الإعصـار الـمْداري
.. (جونو) دعوا اسمه !!
***
(دْماء والطائين)
الوادي مسح الآثار
الإعصـار الـمْداري
.. (جونو) دعوا اسمه !!
***
وولايتي (قريات)
ساحل صَبحْ منهار
الإعصـار الـمْداري
.. (جونو) دعوا اسمه !!
***
والعاصمة (مسقط)
ما تنوصف الأقْدار
الإعصـار الـمْداري
.. (جونو) دعوا اسمه !!
***
والباطنة (بركا)
ختّم بها الإعْصار
الإعصـار الـمْداري
.. (جونو) دعوا اسمه !!
***
والخاتمة بـْ (رحمه)
يا ربّي يا غفّار
الإعصـار الـمْداري
.. (جونو) دعوا اسمه !!


الأنموذج من زاوية أدبية:
لا يمكن التركيز في مثل هذه النماذج على الصور الشعرية والبيانية واستخراج جمالياتها بسبب انسياق المؤلف للإيقاعات التي تصاحب مثل هذه الفنون لذلك لن أسهب في شرح الصور كون أغلبها جاءت مباشرة وتقترب في أحيان كثير للعادية التي نسمعها في الوقت الرهن حتى مع الشعراء المتمكنين!!. كما يلاحظ على الأنموذج في أغلب مقاطعه الشعرية وجود صور جزئية من مشاهد كانت أكبر دهشة وفاجعة مما تم تصويرها، ولكن مرة أخرى نعود لنقول أن أغلب هذا الفنون يكون فيها الإيقاع والتلقائية أكثر من الإشتغال والإبداعية، وهذا عكس ما كان يحدث سابقاً، فمثل هذه الفنون أنجبت شعراء عمالقة لا يسعنا ذكرهم هنا، وربما أذكرهم لاحقاً بالتفصيل، بقوا عالقين في ذاكرة الشعر الجميل.
وما نستطيع قوله أن مثل هذا الفن يأتي على بحر الرجز "مستفعلن مستفعلن مستفعلن ...." كالرزحة .... إلخ، إلا أن هذا الأنموذج جاء على تفعيلة ونصف فقط "مستفعلن فعلن" مع إضافة حرف على بعض القطع (الثانية والأولى أحيانا)، ودائما ما يستخدم هذا البحر في الفنون الحماسية والراقصة لحركته السريعة.

الأنموذج من زاوية أقرب:
يو دان .. يو داني
الـويل .. من داني
الإعصـار الـمْداري
.. (جونو) دعوا اسمه !!
- يبدأ الفن بإفتتاحية روتينية حاله كحال أغلب الفنون الأخرى التي عادة ما يكون لها كلمات إفتتاحية للدخول والبدء في الإلقاء، وغالباً ما تكون مهمة الإفتتاحية على القدامى ومن لها الباع الطويل في مثل هذه الفنون. كما أن الإفتتاحية تعرف المتواجدين أو المتبارزين على الوزن الذي ستسير عليه المقاطع التي ستطرح لاحقاً، وسنلاحظ تكرار (الإعصـار الـمْداري .. (جونو) دعوا اسمه) على جميع المقاطع أو "الأبيات إن أردنا تسميتها" اللاحقة، ويقوم المرددين بإعادة هذا المقطع (الأول) مع كل مقطع جديد، كذلك يكون المقطع الأول بمثابة المفتاح الذي ستتدحدث عنه هذه "الوصلة" من الفن،فلكل وصلة غرض معين كما يحدث في الشعر، وكما نلاحظ أنه من البداية يعرّف بالإعصار المداراي. ومما أشكل علي وعلى مجموعة من الأصدقاء الذين كانوا برفقتي في إحدى التجمعات الأدبية، هو إختلافنا إلى الآن على المقصود بالضبط من "(جونو) دعوا اسمه!!" وخصوصاً "دعوا"، فأنا كتبت الأف المتصلة بواو الجماعة لإعتقادي بأن المقصود هنا بـ "دعوا" : "زعموا" أي أن هناك من زعم بأن اسم الأعصار المداري "جونو"، فيما ذهب اعتقاد بعض الأصدقاء إلى أن "دعو" قد يقصد به فعل أمر بمعنى أتركوا هذا الاسم، وهناك العديد من الاعتقادات ووجهات النظر التي لا تفسد هذه النقطة، كما أدعك عزيزي القارئ تخمين المقصود من هذه القطعة والمشاركة معنا.

***
خطّف على (مْصيره)
وأثر عليها غبار !!
الإعصـار الـمْداري
.. (جونو) دعوا اسمه !!
- وهنا لا استطيع أن أحمل المؤلف بساطة الطرح أو التصوير والجزئية التي تحدثت عنها سابقاً لأنه بالفعل هذا ما حدث في جزيرة مصيرة، إلا إذا حدث شيئاً آخر لم تطلعنا عليه وسائل ..... !، مع ضرورة الإشارة إلى أن الأنواء المناخية بالفعل إنطلقت من هذه المنطقة بالتحديد عندما تغير إتجاهها بالقربً.
***

وفـ (صور) العفيه
وتْقلّعت الأشْجار
الإعصـار الـمْداري
.. (جونو) دعوا اسمه !!
هذا الصورة ليست كافية للتعبير الكلي عمّا حدث في ولاية (صور)، ولكن قد أعذر المؤلف لأنه إن لم يكن من ولاية "صور" فهو لم يطلع على الواقع وما حدث فعلاً في الولاية، إنما اكتفى بما نقلته وسائل......، وبالفعل لم يكن هناك سواء مشهد لتقلع الأشجار أعيد مراراً. ولكي نحسن الظن، نستطيع القول أن هذا المقطع صورة جزئية من صورة كبرى يريد إيضاحها المؤلف، وسأتحدث عنها في السطور القادمة.
***
وولايتي (جعلان)
كسّر حطب الأنْوار
الإعصـار الـمْداري
.. (جونو) دعوا اسمه !!
- السؤال الذي يمكن أن نطرحه هنا، هل أعمدة الإنارة في جعلان مصنوعة من (الحطب)؟!، أم أن المؤلف أجبره الوزن على الإتيان بلفظة "حطب" مع العلم أن الحطب لا يستخدم لأعمدة الإنارة في أغلب المناطق التي قمت بزيارتها في السلطنة، عظم المصاب وما حدث لا بد من أن يوجهنا للكتابة وللتأليف عن أمور أهم من المادة التي يمكن تعويضها في دقائق!!..
***
(دْماء والطائين)
الوادي مسح الآثار
الإعصـار الـمْداري
.. (جونو) دعوا اسمه !!
- نجد هنا توجه آخر من المؤلف، حيث الحسرة على ضياع الآثار التي كانت تشكل جزءاً من التاريخ الحضاري الذي لا يمكن تعويضه كما حصل في المقطع السابق، وهذا مجعل مسار هذا الأنوذج يتغير إلى خطاب راقي بأهدافه يؤكد على أهمية الآثار كونها جزء لا يتجزأ من حضارة وتاريخ الشعوب.
***

وولايتي (قريات)
ساحل صَبحْ منهار
الإعصـار الـمْداري
.. (جونو) دعوا اسمه !!
- ووصولاً إلى هذا المقطع نجد تنوعاً في الطرح وتبادلية في وصف الخسائر، فأحياناً يتحدث عن الطبيعة (ساحل، أشجار) وأحياناً أخرى يتحدث عن ما صنعه الإنسان (حطب الأنوار) مما يدل على محاولة المؤلف لإيجاد صورة كاملة لما حدث بالضبط من خلال تقديم صور جزئية عند كل ولاية ولكنها حدثت بالطبع في كل الولايات المذكورة تقريباً وهذا يحسب له.
***
والعاصمة (مسقط)
ما تنوصف الأقْدار
الإعصـار الـمْداري
.. (جونو) دعوا اسمه !!
- ينتقل المؤلف هنا إلى اللامحسوس (الأقدار) بعد أن ذكر في المقاطع السابقة أشياء محسوسة سواء كانت من الطبيعة أو من صنع الإنسان، ويختصر كل ما حدث في "مسقط" بأنه لا يمكن وصفه كما فعلت سابقاً، وأن المشهد أكبر من الوصف!!
***
والباطنة (بركا)
ختّم بها الإعْصار
الإعصـار الـمْداري
.. (جونو) دعوا اسمه !!
- ويذكر المؤلف هنا النقطة التي انتهى عندها الإعصار، دون الإشارة إلى ما خلفه في هذه الولاية، ولكن يتضح أن ما حدث فيها لا يتجاوز ما حدث في الولايات المذكورة سابقاً، حسب رؤيته.
***
والخاتمة بـْ (رحمه)
يا ربّي يا غفّار
الإعصـار الـمْداري
.. (جونو) دعوا اسمه !!
- كعادة الإنسان مهما حدث له وأقفلت في وجه الطرق، يرجع إلى ربه بالدعاء والمناجاة، أيضاً هذا ما يحدث في أغلب الفنون، حيث تتم القفلة بطريقة "تقليدية" كالدعاء أو الصلاة والسلام، وبطلب الرحمة والمغفرة.

إلى الخارج، دخول:
التوغل في مثل هذه النماذج من الفنون الشعبية أمر ليس بالأمر اليسير أبداً، فهنالك الكثير من النماذج "وخصوصا القديمة" التي نجدها قابلة للتأويل بأكثر من فكرة، كون القدامى مارسوا هذه الفنون بكل حرفية حتى استطاعوا تخليد أسمائهم للأجيال التي جاءت بعدهم، وما هذه إلى محاولة كيبوردية جاءت كردة فعل سريعة، وتهدف إلى توجيه النظر إلى مثل هذه النماذج التي تصلح لأن تكون أرضاً خصبة للدراسات بعد تحول "الأنواء المناخية" إلى حادثة تاريخية ولا بد من الرجوع إليها، مع العلم بعدم وجود دراسة إلى الآن توثق ما حدث بشكل شمولي، وإنما كل الإجتهادات السابقة كانت تناقش جزئيات الحادثة،،،


· لا يمكن نسخ هذه "الشعوذة" إلا بأذن من "الساحر الحزين".
· شكراً للمدون صاحب المسرنمة على تزويدنا بالأنموذج.

هناك 6 تعليقات:

  1. يا عيني على القراءات ؛)...

    علي ..

    من نجاحٍ إلى نجاح بإذن الرّحمن...

    سدّد المولى خُطاك . ووفقك ...

    تحيّتي...

    ردحذف
  2. علي الأنصاري

    دائما تتحفنا بشعوذاتك

    ردحذف
  3. المشعوذ الكبير..
    تقول:والباطنة (بركا)
    ختّم بها الإعْصار
    الإعصـار الـمْداري
    .. (جونو) دعوا اسمه !!
    ...........................
    ابوي بركاء ما انضربت ضرب قريات.
    في بركا: جونو ضرب المخططات السكنية المقامة في بطون الأودية.. وعلى بعد 3 أمتار من البحر!

    الخطأ فنتكي فشفوشي!

    بعدين ربعنا - زودوها-
    تعرف فيه صيادين من بركا راحوا و ضمو اللياخ والدوابي مال الصيد! عشان الحكومة تعوضهم!!

    ردحذف
  4. جرح ..

    ليست قراءة بقدر ما هي شعوذة رمضانية ..
    لا تجرحيني أختاه !!

    ردحذف
  5. تركي

    أتمنى أن نجتمع يوماً ما على شارع الماريعقوب !


    وأنت تعرف !!

    ردحذف
  6. موسى القريب

    /
    وهذا ما توقعته أنا في الشعوذة أعلاه
    /
    شكراً لتواجدكــ

    ردحذف