10‏/11‏/2011

عن شاعر (التجريب) وشاي الكرك !!

~

~

~

~

وهو يجلس بالقرب من مقعد السائق في السيارة التي لا يمكن تمييز لونها ليلاً بالسهولة التي يتوقعها أعمى البصيرة قبل أعمى البصر، لم يكن يأبه بالوجوه والمشاهد التي يمر عليها، فهي بالنسبة له أشياء مقيتة لا تضيف أي قيمة وجودية لحاضره ومستقبله، وقد تعوّد على مصادفتها يومياً في طريقه إلى العمل الذي لم يقتنع هو نفسه يوماً بأنه (عمل) بالمعنى المتعارف عليه عند العامة وأهل اللغة، فتح نافذة السيارة التي كانت تسير على خط التجاوز، ولم يكلف نفسه بالنظر يميناً أو شمالاً قبل أن يخرج من فمه مادة (حمراء اللون) اعتاد على مضغها (24 ساعة) دون توقف، وقال: (ما زلت في مرحلة التجريب، ولم اقتنع بما أكتبه من شعر إلى الآن)، ومع أنني قمت بتنظيف أذني جيداً ذلك اليوم بعد عملية استحمام مطولة في (جاكوزي) على الطريقة العمانية، إلا أنه لم استطع أن استمع جيداً لمخارج حروفه التي أنهكا الدهر وربما (الهذر)، حيث أنني لم أتمكن من التقاط حرف (الجيم) كما ينبغي، وظننه يقصد (الخاء)، فاستحيت أن أقول له إن كان بإمكانه إعادة الجملة التي قالها، وفضّلت أن يكمل حديثه بالمعنى الذي يريده هو، وأنا أكمل أنا الإنصات له بتأويلين مهما كان اختلاف نسبة (من وراء القصد) فيهما، وتابع الحديث قائلاً: (هناك الكثير من الشعراء في الوقت الراهن يسلكون هذا الطريق دون وعي)، فبدأت أنا أرجّح أن الحرف الذي سقط من أذني هو (الخاء)، فأحسست بأمل أمل ضئيل يلوح في القاع البعيد، فلا يعترف بالخطأ في هذه الأيام إلا المنسلخ من عقدة (ريشة الطاووس الوهمية) العالقة فوق رأس الكثير ممن نتعامل معهم في شتى المجالات الحياتية.

(ما رأيك في الذهاب إلى كوستا مشروع الموج؟، سمعت أن أولاد القبائل يحتسون قهوة الاسبرسو هناك، ويهيمون في أودية المواضيع الحساسة التي لا تنتهي بحل مناسب يرضي كل الأطراف في أغلب الأحايين، لا سيما في القضايا المتعلقة بالشاعر الرمز وشاعر البنز)، سألني هذا السؤال متناسياً أن القبائل تقدر العادات والتقاليد ولا بد من أن تلاقي بعضها بالزي الرسمي قبل أن يتهامس أهلها فيما بينهم (خشمك) وتسمع بعدها صفير تدريجي لعلكة لم يكتب لها الوجود، فقلت في نفسي كيف لأحد أن يتجول في مكان عام بملابس نوم وتسريحة شعر يبدو أنها تلقائية، وأجبته على مضض: لا أحبذ الطاولات المفتوحة والمحاطة بأعين المارة والأعين (الفارة) كثيراً، ولكن لا بأس أن أقدّر واحترم رأيك ونذهب لنحتسي ما تبقى من شاي (الكرك) الذي سنقوم بشرائه من مقهى (أرض الشاي) الذي يقع على الطريق المؤدي إلى المكان المقصود، وقاطعني قائلاً: (على ذكر مقاهي الشاي، أرى أنها انتشرت بشكل خيالي كالشعراء الذين كنت أتحدث عنهم قبل قليل)، فتبادر إلى ذهني مجدداً أن الحرف المقصود هو (الخاء)، بينما بدأت دائرة الأمل تتسع مجدداً أكثر نحو أفق القاع، فقلت له وصدري قد بلغ مساحة يستطيع أن يبني فوقها أغبى مقاول أجنبي بناية من (7) طوابق عليها: (التخريب يا عزيزي وارد في كل الساحات التي ......) فقاطعني مجدداً وهو ينظر بعينين جادتين إلى سقف السيارة، وقد تغيرت ملامح وجهه الناعسة إلى توتر غرائبي: اسمح لي يا أيها الزميل فأنا لا أحب الخوض في المواضيع المنتهية)، فشعرت بالحياء مرة أخرى ولم أشأ أن أكمل فكرتي المبتورة بسيف العجلة واللامبالاة واكتفيت بقول: (كلّه خير إن شاء الله).

قال لي ونحن نبحث عن موقف للسيارة بعد وصولنا: ( لا مزاج عندي اليوم للحديث مع أي شخص كان، وسنتجه إلى أقرب طاولة مباشرة دون إلقاء التحية على أحد)، ولم يكمل إحساسي بأنه بالفعل قد تغيّر هذه المرّة كلياً الثلاث دقائق، وذلك بعد أن صرخ من بعيد وهو يخرج نصف جسده من السيارة: (جاينك ود عم)، ويوعد سريعاً للبحث عن أي عطر (يجزّر به الحال)، وقال لي وهو يغمز: (سوف نجلس على تلك الطاولة، فذاك الشخص جميل جداً وبالذات عندما يشرب شيئاً)، وأسرع نحوهم وهو يسابق خطاه ويسابقني وقد نسي شاي الكرك ب(نية) متقلبة كالحرباء، كما نسي أن يعرفني بأصدقائه لتشتت أفكاره وعدم المقدرة على ترتيبها في قالب يتمكن الجميع من استيعابه، مما دفعني بالإحساس إلى أن من كان يجلس على تلك الطاولة قد أصيب بالغثيان الفكري المسبب لتقيؤ الذهن، وبعد أن أيقن الجميع أن مواضيع (النقاش) في تلك الليلة قد انتهت وقد بدأ العقل أوتوماتيكيا يفكر بالفراش مبدئياً وعلى المستوى الأبعد كيفية الوصول إلى بر الساعة (2:30) في اليوم الثاني بأسهل الطرق مع دخول التقنية الحديثة وأكثرها أماناً، عاد الصاحب مجدداً لموضوع الشعر الذي ظننت بأنه انتهى وقال وهو يطلق صدره للعنان ويرجع بظهر ه إلى خلف حتى سمعت صوتاً يشي بتلف المقعد الذي يجلس عليه: (أنا ما زلت في مرحلة التـ ج ـريب، ولا أدري متى سأقتنع بما أكتبه.....)، فصرخت في داخلي بعد أن تجرعت رشفة ساخنة من الشاي المحروق عنوة، وأنا أقول : (يسقط!!).

19‏/1‏/2011

إلى عزيزي محمد !!


اشتعل،
أنتـ / و(الجاري)، / الحمار .......
وحدّد (الجاي) بـ مصيرك
... قول (طزْ) فـْ وجْه أرباب الحصار !
ما عليه تْموت حافي بْلا نعـِل،
دام قرّرت بـ ضميرك،
تستريح وْتنطفي نارك بـ نار !

.....